كان ذلك ما حدث مع الطفل إبراهيم أحمد إبراهيم مقبل (15 عاما) من بلدة بيت أمر شمال محافظة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، حيث اختطفه جنود الاحتلال من بين أحضان والديه إلى السجن الإسرائيلي، دون أية دعوى.
ووصف الطفل المحرر تلك التفاصيل التي تراوحت بين الضرب والركل والاعتداء، إلى وصله بالأسلاك والتهديد بحرقه، ووخزه بإبرة لا يعرف ماذا تحمل من أمراض.
تفاصيل القصة
الطفل مقبل أفرج عنه من سجون الاحتلال قبل أيام قليلة، بعد قضائه شهرا كاملا في الاعتقال، ويروي حكايته في
الضباط استخدموا الكهرباء بتعذيبه
الاعتقال، وتفاصيل التعذيب الذي تعرض له داخل جلسة التحقيق الوحيدة التي عاصرها ليجبره ضابط التحقيق على الاعتراف بتهم لا علاقة له بها.
وقال: "عندما أويت إلى فراشي بعد منتصف الليل، حاصرت قوات الاحتلال الحي الذي نقطنه مقابل مستوطنة تسمى "كرميتسور"، مشيرا إلى أنه وعائلته وقفوا لمشاهدة قوات الاحتلال التي تحيط بالمكان.
"حاصر جنود الاحتلال بعض المنازل واعتقلوا عددا من الشبان، ومن ثم انتقلوا إلى بيتنا وبدؤوا بطرق الأبواب حتى خرجنا، وقاموا بصفنا في العراء مع إخوتي الصغار، وبعدما دققوا في بطاقة هوية والدي اقتادوني إلى الاعتقال دون سؤال أو جواب" حسب الطفل مقبل.
ولم يسمح جنود الاحتلال للطفل بأن يستبدل ملابس النوم، وأصروا على تقييده وتعصيب عينيه، ودفعوه بعدها على وجهه فسقط على الأرض وارتطم رأسه بأرضية الجيب العسكري.
"لم يكتف جنود الاحتلال بذلك، بل صعدوا فوق ظهري وبدأ الجيب سيره، وعلى طول مسافة السير بقي الجنود يدوسونني بأرجلهم" كما قال.
مرحلة أخرى
وصل الطفل السجين معسكرا لا يعرفه بعدما سافرت الآليات العسكرية مدة من الوقت، أنزله الجنود برفقة المعتقلين الآخرين، ووضعوهم في مكان مفتوح بالمعسكر وتركوهم.
وحيث نجح مقبل بالتخلص من القيود البلاستيكية التي تربط يديه، وتمكن في ساعات الفجر من النوم بعدما وضع يديه تحت جبينه، إلا أن ما أفزعه من نومه وصول مجندة إسرائيلية، بدأت بالصراخ في وجهه عندما شاهدته مفلوت الأيدي، وركلته في رجليه بقوة، ومن ثم أحضرت قيودا حديدية وربطتها بيديه بقوة، وبرجليه.
وبقي مقبل ملقى على الأرض على هذه الحال حتى ساعات الصباح، وجرى نقله إلى مكتب ضابط للمخابرات الإسرائيلية للتحقيق معه.
وهنا عرف الضابط نفسه بأبي زكي، وبعد ستة دقائق من بداية التحقيق بدأ بركل الطفل البريء بقوة في ظهره، لإجباره على الإدلاء باعترافات تفيد برميه الحجارة على جنود الاحتلال والمستوطنة.
ومع كل مرة كان مقبل يرفض الاتهام، كان المحقق يعيد ضربه بوابل من الركلات، حيث هدده ضابط التحقيق بأن لديه 20 طبقة من التعذيب ينفذها بالتدريج في حال رفض التجاوب معه أو الاعتراف بما يوجهه إليه من أسئلة.
وبدأ بالدرجة الأولى التي تمثلت بإجلاسه على الأرض وتوجيه وجهه نحو الحائط والبدء بضربه أسفل ظهره، ونتيجة لرفضه الاستجابة للمحقق، انتقل إلى الدرجة الأخرى التي ضغط بها بشدة على رقبته ورأسه.
ومن ثم قام بالدوس على السلاسل الحديدية التي تربط يديه من الخلف، أكثر من مرة، ما تسبب بآلام حادة في يدي الطفل.
أسلاك كهربائية
وبعدما رفض الحديث، أحضر المحقق أسلاكا كهربائية وربط قطبيها بطرفي حلقات القيود الحديدية التي تلف يديه، بالإضافة إلى
الاحتلال وخز مقبل بإبره مجهولة
وصل قطب آخر بمكان حساس في جسمه.
وهدده المحقق الطفل المسكين بتدمير مستقبله، وحرمانه من الزواج وتدمير حياته، وقال له: "إذا لم تعترف فستبقى كالمرأة طيلة حياتك". غير أن هذه الأساليب الترهيبية من التعذيب لم تثن مقبل عن مواصلة الصمود أما محققه، ما دفع المحقق لإحضار إبرة ووخز جسمه بها، وتهديده بمستقبله والأخطار على حياته إذا لم يقدم اعترافا.
وتحت تهديد التعذيب والدرجات المتصاعدة اضطر الطفل للإدلاء باعتراف مختلق حول رشقه مستوطنة كرميتسور بالحجارة، بالإضافة إلى رشق قوات الاحتلال أيضا بالحجارة أثناء اقتحاماتها المتكررة لبلدته.
ويوضح أثناء حديثه لـ"صفا" أنه أجبر على هذا الاعتراف، لأنه لم يجد مناصا من الخروج من التعذيب المتواصل الذي تعرض له، لافتا إلى أنه ترك آلاما شديدة على جسمه استمرت عدة أيام.
وتسبب التعذيب الذي تعرض له الطفل في انفجار لجرح كان أصيب به في الماضي، ما أحدث نزيفا في يده، وما تزال آثاره بادية على يده، أما المدة التي مكثها تحت التعذيب، فأكد أنها تواصلت على مدار خمسة وأربعين دقيقة.
دعوى قضائية
أما والده، فأكد لـ"صفا" بأنه رفع دعوى قضائية على سلطات الاحتلال للتعذيب الذي تعرض له نجله، مشيرا إلى أنها تفوق في قسوتها التعذيب الذي يتعرض له كبار السن.
وأكد الباحث بمركز المعلومات وحقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسيلم" موسى أبو هشهش لـ"صفا" بأن عمليات الاعتداء واعتقال الأطفال أصبحت ظاهرة متكررة في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أن القانون الإسرائيلي يسمح باعتقال أي طفل وتقديمه لأي محكمة بأية تهمة مهما كان عمره.
وعدّ تلك التصرفات تتناقض بشكلٍ كبيرٍ مع الأعراف والقوانين الدولية الإنسانية، مشيرا إلى أن الاحتلال يحاول من خلال هذه الاعتقالات والتعذيب ارهاب الفلسطينيين وتخويفهم وثنيهم عن الأعمال التي تضرُّ بمصالحه كما يزعم.